دينا عدلي: هذه البلاغات بالوكالة عن جهات بعينها
طارق نجيدة: محامو البلاغات إما أنهم ينفذون تعليمات أمنية أو باحثون عن الشهرة
التخصصات في كل مهنة أمر متعارف عليه٬ وفي مهنة المحاماة كما أن هناك محامي جنايات ومحامي جنح .... أصبح هناك تخصص جديد يطلق عليه البعض" محامي بلاغات" ٬ ومنهم من بات معروفا بالاسم ونوعية القضايا والشخصيات التي يقدم فيها البلاغ٬ فمنهم من تخصص في ملاحقة الفنانين٬ ومنهم من يلاحق الشيوخ٬ وآخرين يشكل لهم النيل من الشخصيات السياسية صيدا ثمينا..
حرب بالوكالة
دينا عدلي حسين المحامية والتي اشتهرت بلقب "محامية الفريق شفيق" كانت من أولئك الذين طالتهم البلاغات المضادة٬ ولكنها تفسر تصرف زملاء المهنة الذين اشتهروا بـمحامين "إدارة البلاغات" بأنه حق دستوري طالما أنه يمتلك الأدلة والبراهين على الشخص المقدم ضده البلاغ٬ وتصنف ميول أصحاب البلاغات؛ إما ذو فكر سياسي وقناعة فيدافع عن قناعاته بهذا الأسلوب، أو أن لديه فراغ فيعمل على تقديم البلاغات كشكل من أشكال إثبات الذات، أو أنه تابع لجهة ما توفر له البيانات التي تريد الإيقاع عن طريقها بشخصية ما، أو على الأقل التشويش عليها، وبمعنى آخر كما أن هناك حرب بالوكالة فهناك بلاغات بالوكالة، ولكنها ليست تلك الوكالة القانونية المتعارف عليها٬ وفي نهاية الأمر مجرد قبول البلاغ وبدء اتخاذ الإجراءات النيابية والقضائية فيما قدمه هو انتصار بحد ذاته.
ولكنها تستدرك: كمحامية لا أعتقد أن هناك محامٍ يمارس حياته ومهامه العملية بشكل طبيعي لديه الوقت الكافي لأن يسخر نفسه لتقديم البلاغات ومتابعة إجراءاتها القانونية حتى تصل إلى المحكمة٬ أما ما يحدث فعليا فهو رمي التهم والمتابعة على شاشات التلفزيون أو صفحات الجرائد٬ لدرجة أن بعضهم يتصل بالصحفيين والقنوات ليخبرهم بجديده من البلاغات أو الشخصيات!
وأكدت عدلي أن ما يعانيه الشخص المقدم ضده البلاغ من إجراءات وتشويش وتقديم أدلة براءة من التهم المنسوبة إليه خاصة أن غالبيتها تهم معنوية مثل: ازدراء الأديان، أو تبني فكر ما، أو تكدير السلم العام، لا يشجعه على استرداد حقه القانوني والمجتمعي ورد الاعتبار فهو في حال اثبات براءته مما نسب إليه يمكن أن يقدم بلاغا فيمن نسب إليه تهما كاذبة ويطالب بالتعويض.
قبل وبعد 2011
ومن جهته يؤكد المحامي طارق نجيدة أن القانون والدستور يسمح لكل من يحمل الجنسية المصرية أن يتقدم ببلاغ ضد من يرى أنه يمثل جريمة سياسية أو مجتمعية.
ويقول: "تقديم البلاغات في الشخصيات العامة أو في الأحداث يكون على حد سواء، فمحترفي البلاغات لا يتقصدون الشخصيات السياسية فقط، ولكن يقدمون البلاغات في السياسيين والشيوخ والفنانين ولاعبي الكرة والشعراء".
ويضيف: بصفة عامة محاميي البلاغات إما أنهم ينفذون تعليمات أمنية توجههم لتقديم بلاغات باستخدام الحق الدستوري لتعقب وملاحقة من يرون أنهم موضع قلق٬ وقد تكون حالة من حالات البحث عن الشهرة٬ ويمكن تقسيم هؤلاء المحامين لما قبل 2011 حتى تم تسليم الراية لآخر بعد 2013 ٬ وهناك صنف ثالث من محامي البلاغات يمثل نفسه وعادة يحمل البلاغ قيمة إنسانية ووطنية حقيقية٬ وقبول البلاغ وبدء البت فيه يعني أنه بلاغ ذو قيمة٬ويمثل أهمية لدى النيابة ويثبت وجهة نظرها٬ وأن النيابة ترى أنه بلاغ قوي وله أسانيد٬ وبالتالي تقدم المبلغ ضده إلى المحاكمة٬ وهنا تكون قضية حقيقية ولابد من احترام التقاضي والقضاء.
المواجهة
ويؤكد نجيدة أن مواجهة هؤلاء المفرطين في البلاغات يكون بتقديم بلاغ مضاد، وعلى النيابة اتخاذ قرار ضده حتى لا يسئ حق التقاضي وهو حق دستوري وقانوي. ويقول: «نناشد الجميع بألا يفرط في استخدام الحق الدستوري حتى لا يمس بهذا الحق ويخل به».
أبطال الظاهرة
ولأن تقديم البلاغات أصبح يقارب الظاهرة٬ فيمكن اعتبار المحامي المصري نبيه الوحش أشهر محامٍ رفع قضايا ضد فنانين ومثقفين بتهمة "تهديد قيم المجتمع المصري وتشويهها"، ولم تتوقف أبداً تصريحاته المثيرة للجدل في وسائل الإعلام، والهدف النهائي هو أن يتحدث عنه الإعلام بشكل دائم، قبل أن ينقلب السحر على الساحر٬ عندما ظهر الوحش عبر إحدى البرامج قائلاً: "اغتصاب الفتاة المرتدية بنطلوناً مقطعاً واجب وطني".
أراد أن يظهر مدافعاً عن "قيم مصر وعاداتها" فخانه التعبير هذه المرة. ورفعت قضايا عدة ضد الوحش بسبب هذا التصريح إلى أن أصدرت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ حكماً بحبسه 3 سنوات، وغرامة 20 ألف جنيه مصري، في اتهامه بالتحريض على ما عرف إعلاميا بـ "اغتصاب فتيات البنطلونات الممزقة".
وكان المحامي المثير للجدل صاحب الرصيد الأكبر من القضايا التي ترفع ضد فنانين ومثقفين في مصر، يرفض الظهور في البرامج المصرية من دون الحصول على بدل مادي، لمعرفته أنه يحقق للقنوات نسبة مشاهدة عالية.
وما كان يقوم به الوحش قبل الحكم الأخير بسجنه، يفعله بالنص محام آخر هو أحمد مهران الذي يتواصل بنفسه مع الصحافيين لإبلاغهم بآخر أخباره الخاصة برفع قضايا ضد فنانين ومثقفين وسياسيين.
أما المحامي أشرف فرحات، فهو أحد المحامين الذين تقدموا بعشرات البلاغات ضد كبار المسئولين والشخصيات العامة، وكان آخر تلك البلاغات بلاغه ضد وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور الهلالي الشربيني، يتهمه فيه بالمسئولية عن تسريب امتحانات الثانوية العامة، وحمل البلاغ رقم 8891 لسنة 2016 عرائض النائب العام.
"هاتريك"جديد
وظل نبيه الوحش محتفظا بالبطولة المطلقة لتقديم البلاغات على مدار 20عاما٬ حتى جاء المحامي سمير صبري ولم يفوت الفرصة في تسجيل الرقم القياسي في عدد السجلات القضائية التي تحتوي على بلاغات ضد المصريين،وافتخر صبري في تصريح سابق بأنه تقدم بقرابة 2700 دعوى من أجل “المصلحة العامة” في السنوات الأربع الماضية.
وتقدم سمير صبري ببلاغ للنائب العام ونيابة أمن الدولة العليا ضد المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، وذلك عقب التصريحات التي أدلى بها بعد القبض على السفير معصوم مرزوق، واعتبرها تطاولًا على رئيس الدولة، والقوات المسلحة ووزارة الداخلية.
وقال صبري في دعواه، إن “حمدين صباحي يقود حملة لقلب الرأي العام ضد أجهزة الدولة جراء القبض على الإخواني الإرهابي معصوم مرزوق حسين متجاهلاً أنه ارتكب العديد من الجرائم التي تتعلق بأمن الدولة وتزعزع الثقة وتروع المواطنين، بقصد إعادة ظهوره إلى المشهد السياسي”.
وأضاف صبري في البلاغ إن “هناك 12 بلاغًا مقدمًا منه ومن آخرين ضد حمدين صباحي عن وقائع تخل بأمن الدولة وسلامتها”.
------------------
تقرير- آمال رتيب